نسخ التخيير بين الصوم أو الفطر مع الصدقة بوجوب الصوم

ومن ذلك: نسخُ التَّخيير في الصَّوم بتعيينه؛ فإنَّ له بقاءً وبيانًا ظاهرًا، وهو أنَّ الرجل كان إذا أراد أفطر وتصدَّق، فحصلت له مصلحةُ الصَّدقة دون مصلحة الصَّوم، وإن شاء صام ولم يَفْدِ، فحصلت له مصلحةُ الصَّوم دون الصَّدقة، فحُتِّمَ الصَّومُ على المكلَّف لأنَّ مصلحته أتمُّ وأكملُ من مصلحة الفدية، ونُدِبَ إلى الصَّدقة في شهر ‌رمضان؛ فإذا صام وتصدَّق حصلت له المصلحتان معًا، وهذا أكملُ ما يكونُ من الصَّوم، وهو الذي كان يفعلُه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان أجودَ ما يكونُ في ‌رمضان، فلم تبطُل المصلحةُ الأولى جملةً، بل قُدِّم عليها ما هو أكملُ منها وجوبًا، وشُرِع الجمعُ بينها وبين الأخرى ندبًا واستحبابًا.


مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (2/ 939)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله