من زار القبور على غير الوجه المشروع فإن زيارته غير مشروعة

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى الرجال عن زيارة القبور، سدًّا للذريعة، فلما تمكّن التوحيدُ في قلوبهم أذن لهم في زيارتها على الوجه الذي شرعه، ونهاهم أن يقولوا هُجْرًا، فمن زارها على غير الوجه المشروع الذي يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فإن زيارته غير مأذون فيها.

ومن أعظم الهُجْر: الشرك عندها قولًا وفعلًا.

وفى «صحيح مسلم»، عن أبى هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور؛ فإنها تُذكّر الموت».

وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة». رواه الإمام أحمد.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، ونحن بالأثر». رواه أحمد، والترمذي وحسنه.

وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروا القبور؛ فإنها تُزهّد في الدنيا، وتُذكّر الآخرة». رواه ابن ماجه.

وروى الإمام أحمد، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإن فيها عِبْرة».

فهذه الزيارة التي شرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأُمته، وعلّمهم إياها، هل تجد فيها شيئًا مما يعتمده أهل الشرك والبدع؟ أم تجدها مُضادّة لما هم عليه من كل وجه؟

وما أحسنَ ما قال مالكُ بن أنس رحمه الله: «لن يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أوّلَها».

ولكن كلما ضعُف تمسُّك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عُوّضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك.


إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان (1/ 361 - 363 ط عطاءات العلم)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله