ملف الحج وعشر ذي الحجة

والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبّد، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المُتعيِّن.

📚 مدارج السالكين (١/ ١١٠)

فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال:"ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر".

قيل: يا رسول الله؛ ولا الجهاد في  سبيل الله؟

قال: "ولا الجهاد في  سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".

فالزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهلٌ أن يقسم الرب عز وجل به.

📚 التبيان في أقسام القرآن (١/ ٤١)

مختارات

وسَأَلَتْهُ صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، فقالت: نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: «لكنَّ أفضل الجهاد وأجمله حجٌّ مبرورٌ». ذكره البخاري. وزاد أحمد: «هو لكُنَّ جهاد».

عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له ذِبْحٌ يَذبَحُهُ فإذا أهلَّ هلالُ ذي الحِجة فلا يأخُذَنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، حتى يُضَحِّي".

وأسعد الناس بهذا الحديث مَن قال بظاهره لصحته وعدم ما يعارضه.

تهذيب سنن أبي داود (2/ 261)

وقفة مع حديث

عن النبي ﷺ أنه قال: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام".

قال شيخنا: وإنما يكون يوم عرفة عيدا في حق أهل عرفة لاجتماعهم فيه، بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر، فكان هو العيد في حقهم. والمقصود أنه إذا اتفق يوم عرفة يوم جمعة، فقد اتفق عيدان معا.

📚 زاد المعاد (1/ 41)

تكفير صوم عرفة للذنوب مشروط بترك الكبائر

وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر، أن صوم رمضان، والصلوات الخمس، أعظم وأجل من صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر...

📚 الداء والدواء (ص: 25)

صوم يوم عرفة للحاجّ

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إفطار يوم عرفة بعرفة، ثبت عنه ذلك في الصحيحين. وروي عنه أنه "نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة"، رواه عنه أهل السنن. وصح عنه أن "صيامه يكفر السنة الماضية والباقية" ذكره مسلم.

وقد ذُكر لفطره بعرفة عدة حكم:

منها: أنه أقوى على الدعاء. ومنها: أن الفطر في السفر أفضل في فرض الصوم فكيف بنفله. ومنها: أن ذلك اليوم كان يوم الجمعة وقد "نهى عن إفراده بالصوم" فأحب أن يرى الناس فطره فيه تأكيدا لنهيه عن تخصيصه بالصوم، وإن كان صومه لكونه يوم عرفة لا يوم جمعة، وكان شيخنا رحمه الله يسلك مسلكا آخر وهو أنه يوم عيد لأهل عرفة لاجتماعهم فيه، كاجتماع الناس يوم العيد، وهذا الاجتماع يختص بمن بعرفة دون أهل الآفاق. قال: وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا في الحديث الذي رواه أهل السنن: "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى، عيدنا أهل الإسلام". ومعلوم أن كونه عيدا هو لأهل ذلك الجمع لاجتماعهم فيه.

 والله أعلم.

📚 زاد المعاد (2/ 73)

قصة ابن القيم في فقدانه ابنه يوم التروية

وقال الأصمعي: سألتُ ابن عونٍ عن الفأل؟ فقال: أن يكون مريضًا فيسمع: يا سالم.
وأخبِرك عن نفسي بقضيَّةٍ من ذلك، وهي أني ‌أضللتُ ‌بعض الأولاد يوم التَّروية بمكَّة وكان طفلًا، فجَهِدْتُ في طلبه والنِّداء عليه في سائر الرَّكْب إلى وقت يوم الثامن، فلم أقْدِر له على خبر، فأيستُ منه، فقال لي إنسان: إنَّ هذا عَجْز، اركب وادخُل الآن إلى مكَّة فتطلَّبه فيها، فركبتُ فرسًا...

الإمام ابن قيم الجوزية.. رحلاته للحج (٦٩١هـ - ٧٥١هـ)

 الشيخ: خالد بن محمد الأنصاري

وقد كان الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - أحد هؤلاء الأعلام الذين رحلوا للحج عدة مرات، وجاوروا البيت الحرام، وقد تحدث عن أسرار شعيرة الحج في كتابه الشيق والممتع (مفتاح دار السعادة) (2/ 323 - 324)، فقال ما نصه: (وأما الحج، فشأن آخر لا يدركه إلا الحنفاء الذين ضربوا في المحبة بسهم، وشأنه أجل من أن تحيط به العبارة، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، حتى قيل في قوله تعالى «حنفاء لله» أي: حُجّاجاً.

وجعل الله بيته الحرام قياماً للناس، فهو عمود العالم الذي عليه بناؤه، فلو ترك الناس كلهم الحج سنة لخرت السماء على الأرض، هكذا قال ترجمان القرآن ابن عباس...

هدي النبي ﷺ في العيدين

كان صلى الله عليه وسلم يصلِّي العيدين في المصلَّى، وهو المصلَّى الذي على باب المدينة الشرقي، يوضع فيه محمِلُ الحاجِّ. ولم يصلِّ العيد بمسجده إلا مرةً واحدةً، أصابهم مطر فصلَّى بهم العيد في المسجد، إن ثبت الحديث، وهو في سنن أبي داود وابن ماجه. وهديه كان فعلها في المصلَّى دائمًا.
وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه، فكان له حُلَّة يلبسها للعيدين والجمعة. ومرةً كان يلبس بُردين أخضرين، ومرةً بردًا أحمر.
وليس هذا أحمر مُصْمَتًا كما يظنُّه بعض الناس، فإنه لو كان كذلك لم يكن بردًا، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك. وقد صحَّ عنه من غير معارض النهيُ عن لبس المعصفَر والأحمر. وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما. فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة، ثم يلبسه. والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهته كراهةً شديدةً.
وكان يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمراتٍ، ويأكلهن وترًا. وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلَّى، فيأكل من أضحيته.
وكان يغتسل للعيد إن صحَّ الحديث فيه...