أولويات محاسبة النفس

وجِمَاع ذلك: أن يحاسب نفسه أولًا على الفرائض، فإن ‌تذكَّر ‌فيها ‌نقصًا تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خُلِق له تداركه بالذِّكْر والإقبال على الله، ثم يحاسبها بما تكلم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشته يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردتِ بهذا؟ ولمن فعلتيه؟ وعلى أي وجه فعلتيه؟ ويعلم أنه لابد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وديوان: كيف فعلته؟

فالأول: سؤال عن الإخلاص، والثاني: سؤال عن المتابعة، قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 6، 7]، وقال تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8].


إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان (1/ 140 - 141ط عطاءات العلم)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله