وقفة مع قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ) وتحريم الغناء

وروى ثور بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ) [لقمان: ٦]

قال: "هُوَ الرَّجُلُ يَشْتَرِى الَجْارِيَةَ تُغَنِّيهِ لِيْلاً وَنهَارًا".

وقال ابن أبى نجيح عن مجاهد: "هو اشتراء المغني والمغنية بالمال الكثير، والاستماع إليه، وإلى مثله من الباطل" وهذا قول مكحول، وهذا اختيار أبى إسحاق أيضاً.

قال: أكثر ما جاء في التفسير: أن لهو الحديث هاهنا هو الغناء، لأنه يلهي عن ذكر الله تعالى.

قال الواحدي: قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو، والغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء، فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال، والاختيار، وهو كثير في القرآن.

قال: ويدل على هذا: ما قاله قتادة في هذه الآية: "لعله أن لا يكون أنفق مالاً".

قال: "وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق".

قال الواحدي: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء، ثم ذكر كلام الشافعي في رد الشهادة بإعلان الغناء.


إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 239)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله