آفة الإنفاق

والمنُّ والأذى يبطل الثواب الذي كانت سببا له، فمثل صاحبها وبطلان عمله كمثل صفوان -وهو الحجر الأملس- عليه تراب فأصابه وابل -وهو المطر الشديد- فتركه صلدا لا شيء عليه، وتأمل أجزاء هذا المثل البليغ، وانطباقها على أجزاء الممثل به، تعرف عظمة القرآن وجلالته، فإن الحجر في مقابلة قلب هذا المرائي والمانّ والمؤذي، فقلبه في قسوته عن الإيمان والإخلاص والإحسان بمنزلة الحجر، والعمل الذي عمله لغير الله بمنزلة التراب الذي على ذلك الحجر؛ فقسوة ما تحته وصلابته تمنعه من النبات والثبات عند نزول الوابل؛ فليس له مادة متصلة بالذي يقبل الماء وينبت الكلأ، وكذلك قلب المرائي ليس له ثبات عند وابل الأمر والنهي والقضاء والقدر، فإذا نزل عليه وابل الوحي انكشف عنه ذلك التراب اليسير الذي كان عليه، فبرز ما تحته حجرا صلدا لا نبات فيه؛ وهذا مثل ضربه الله سبحانه لعمل المرائي ونفقته، لا يقدر يوم القيامة على ثواب شيء منه أحوج ما كان إليه، وبالله التوفيق.


إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 142)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله