ترجمة ابن القيم من كتاب الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي

وَمِنْهُم الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين أحد الْمُحَقِّقين علم المصنفين نادرة الْمُفَسّرين أَبُو عبد الله، مُحَمَّد ابْن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعد بن حريز الزرعي الاصل ثمَّ الدِّمَشْقِي، ابْن قيم الجوزية، وتلميذ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية، لَهُ التصانيف الانيقة والتآليف الَّتِي فِي عُلُوم الشَّرِيعَة والحقيقة، مولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة.

سمع من القَاضِي سُلَيْمَان بن حَمْزَة وَعِيسَى الْمطعم وطبقتهما، ولازم الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَأخذ عَنهُ علما جما، وَكَانَ ذَا فنون من الْعُلُوم وخاصة التَّفْسِير والاصول من الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم، وَمن مصنفاته: زَاد الْمعَاد فِي هدي خير الْعباد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَربع مجلدات، وَكتاب سفر الهجرتين وَبَاب السعادتين مُجَلد.

حدث عَنهُ: الشَّيْخ زين الدّين أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن رَجَب وَغَيره، توفّي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشر شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة، وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير من دمشق عِنْد وَالِديهِ رحمهمَا الله، وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة.

قَالَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْمُحب فِيمَا وجدته بِخَطِّهِ قلت: إِمَام شَيخنَا الْمزي ابْن الْقيم فِي دَرَجَة ابْن خُزَيْمَة؟ فَقَالَ: هُوَ فِي هَذَا الزَّمَان كَابْن خُزَيْمَة فِي زَمَانه.

ترْجم شَيْخه غير مَا مرّة بشيخ الاسلام مِنْهَا مَا تقدم قَرِيبا وَمِنْهَا قَوْله: وَسمعت شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية يَقُول: إن فِي الدُّنْيَا جنَّة من لم يدخلهَا لم يدْخل جنَّة الْآخِرَة، قَالَ: وَكَانَ اذا صلى الْفجْر يجلس مَكَانَهُ يذكر الله تَعَالَى حَتَّى يتعالى النَّهَار جدا، وَكَانَ اذا سُئِلَ عَن ذَلِك يَقُول هَذِه غدوتي وَلَو لم اتغد هَذِه الغدوة سَقَطت قواي. وَكَانَ يَقُول لما خلق الله حَملَة الْعَرْش قَالُوا رَبنَا لم خلقتنا قَالَ: خلقتكم لتحملوا عَرْشِي قَالُوا: رَبنَا وَمن يُطيق حمل عرشك وَعَلِيهِ عظمتك قَالَ: قُولُوا لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. وَكَانَ يكثر أن يَقُول: أنا المكدي وَابْن المكدي وَهَكَذَا كَانَ أبي وجدي. وَكَانَ يَقُول بِالصبرِ وَالْيَقِين تنَال الإمامة فِي الدّين، وَكَانَ يَقُول: لَا بُد للسالك الى الله من همة تسيره وترقّيه، وَعلم يُبصّره ويهديه. وَقَالَ الْعَارِف يسير إلى الله عز وَجل بَين مُشَاهدَة الْمِنَّة ومطالعة عيب النَّفس ،وَكَانَ يتَمَثَّل كثيرا

عوى الذِّئْب فاستأنست بالذئب إِذْ عوى ... وَصَوت إِنْسَان فكدت أطير

وَكَانَ يتَمَثَّل أَيْضا

وَأخرج من بَين الْبيُوت لعلني ... أحدث عَنْك النَّفس فِي السِّرّ خَالِيا


الرد الوافر (ص: 68-69)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله