إِذا اسْتغنى النَّاس بالدنيا فاستغن أَنْت بِالله، وَإِذا فرحوا بالدنيا فافرح أَنْت بِاللَّه، وَإِذا أَنِسوا بأحبابهم فَاجْعَلْ أُنسك بِاللَّه، وَإِذا تعرفوا إِلَى مُلُوكهمْ وكبرائهم وتقربوا إِلَيْهِم لينالوا بهم الْعِزَّة والرفعة فتعرف أَنْت إِلَى الله وتودد إِلَيْهِ تنَلْ بذلك غَايَة الْعِزّ والرفعة.
قَالَ بعض الزهاد: مَا علمت أَن أحدا سمع بِالْجنَّةِ وَالنَّار تَأتي عَلَيْهِ سَاعَة لَا يُطِيع الله فِيهَا بذكر وَصَلَاة أَو قراءة أَو إِحْسَان.
فَقَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أَكثر الْبكاء.
فَقَالَ: إِنَّك إِن تضحك وَأَنت مقرّ بخطيئتك خير من أَن تبْكي وَأَنت مُدِلٌ بعملك، وَإِن المُدِلّ لَا يصعد عمله فَوق رَأسه.
فَقَالَ: أوصني
فَقَالَ: دع الدُّنْيَا لأَهْلهَا كَمَا تركوا هم الآخرة لأَهْلهَا، وَكن فِي الدُّنْيَا كالنحلة: إِن أكلت أكلت طيباً، وَإِن أطعمت أطعمت طيباً، وَإِن سَقَطت على شَيْء لم تكسره وَلم تخدشه.
الفوائد (ص: 118)