وأمَّا خاصِّيَّة السَّبع فإنَّها قد وقعت قدرًا وشرعًا. فخلق الله عز وجل السّماوات سبعًا، والأرض سبعًا، والأيَّام سبعًا. والإنسان كمل خلقه في سبعة أطوارٍ. وشرع الله سبحانه لعباده الطَّواف سبعًا، والسَّعي بين الصَّفا والمروة سبعًا، ورمي الجمار سبعًا سبعًا. وتكبيرات العيدين سبعٌ في الأولى.
وقال صلى الله عليه وسلم: «مروهم بالصَّلاة لسبعٍ». وإذا صار للغلام سبع سنين خُيِّر بين أبويه في روايةٍ. وفي أخرى: أبوه أحقُّ به من أمِّه. وفي ثالثةٍ: أمُّه أحقُّ به.
وأمرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مرضه أن يُصَبَّ عليه من سبع قِرَبٍ. وسخَّر الله الرِّيح على قوم عادٍ سبعَ ليالٍ. ودعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يعينه الله على قومه بسبعٍ كسبعِ يوسف. ومثَّل الله سبحانه ما يضاعِف به صدقةَ المتصدِّق بحبَّةٍ أنبتت سبع سنابل، في كلِّ سنبلةٍ مائة حبَّةٍ، والسَّنابلَ الَّتي رآها صاحبُ يوسف سبعًا، والسِّنينَ الَّتي زرعوها دأبًا سبعًا. وتضاعف الصَّدقة إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ. ويدخل الجنَّة من هذه الأمَّة بغير حسابٍ سبعون ألفًا.
فلا ريب أنَّ لهذا العدد خاصِّيَّةً ليست لغيره. والسَّبعة جمعت معاني العدد كلِّه وخواصَّه، فإنَّ العدد شفعٌ ووترٌ، والشَّفع أوَّل وثانٍ؛ والوتر كذلك. فهذه أربع مراتب: شفعٌ أوَّل وثانٍ. ووترٌ أوَّل وثانٍ. ولا تجتمع هذه المراتب في أقلَّ من سبعةٍ. وهي عددٌ كاملٌ جامعٌ لمراتب العدد الأربعة أعني: الشَّفع والوتر، والأوائل والثَّواني. ونعني بالوتر الأوَّل الثَّلاثة، وبالثَّاني الخمسة، وبالشَّفع الأوَّل الاثنين، وبالثَّاني الأربعة.
وللأطبَّاء اعتناءٌ عظيمٌ بالسَّبعة، ولا سيَّما في البَحَارين. وقد قال أبقراط: كلُّ شيءٍ من هذا العالم فهو مقدَّر على سبعة أجزاء. والنُّجوم سبعةٌ، والأيَّام سبعةٌ، وأسنان النَّاس سبعةٌ. أوَّلها طفلٌ إلى سبعٍ، ثمَّ صبيٌّ إلى أربع عشرة، ثمَّ شابٌّ، ثمَّ كهلٌ، ثمَّ شيخٌ، ثمَّ هَرِمٌ إلى منتهى العمر. والله تعالى أعلم بحكمته وشرعه وقدره في تخصيص هذا العدد، هل هو لهذا المعنى أو لغيره؟
ونفعُ هذا العدد من هذا التَّمر من هذا البلد من هذه البقعة بعينها من السَّمِّ والسِّحر بحيث يمنع إصابتَه: من الخواصِّ الَّتي لو قالها أبقراط وجالينوس وغيرهما من الأطبَّاء لتلقَّاها عنهم الأطبَّاء بالقبول والإذعان والانقياد، مع أنَّ القائل إنَّما معه الحدس والتَّخمين والظَّنُّ. فمَن كلامُه كلُّه يقينٌ وقطعٌ وبرهانٌ ووحيٌ أولى أن تُتَلقَّى أقوالُه بالقبول والتَّسليم وترك الاعتراض. وأدوية السُّموم تارةً تكون بالكيفيَّة، وتارةً تكون بالخاصِّيَّة كخواصِّ كثيرٍ من الأحجار والجواهر واليواقيت. والله أعلم.
زاد المعاد ط عطاءات العلم (4/ 136 - 139)