والفرق بين الاقتصاد والشُّحِّ: أنَّ الاقتصاد خُلقٌ محمود يتولَّد من خلقين: عدل وحكمة. فبالعدل يعتدل في المنع والبذل، وبالحكمة يضعُ كل واحد منهما موضعَه الذي يليق به، فيتولَّد من بينهما الاقتصاد، وهو وسطٌ بين طرفين مذمومين كما قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]، وقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، وقال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].
وأما الشحُّ، فهو خُلقٌ ذميم يتولَّد من سوء الظن وضعف النفس، ويُمِدُّه وعدُ الشيطان حتى يصير هالعًا. والهلَعُ: شدَّة الحرص على الشيء والشَّره به، فيتولَّد عنه المنعُ لبذله، والجزَعُ لفقده، كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 ــ 21].
الروح (2/ 666 - 667 ط عطاءات العلم)