مجمل اعتقاد أهل السنة لأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في ذلك، فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازًا وعراقًا [ومصرًا] وشامًا ويَمَنًا، فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.

والقرآن كلام الله تعالى غير مخلوق بجميع جهاته.

والقدر خيره وشره من الله عز وجل.

وخير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

وأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف، أحاط بكل شيء علمًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى/ 11].

وأنه سبحانه يُرى في الآخرة، يَراه أهل الجنة بأبصارهم، ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء.

والجنة حق، والنار حق، وهما مخلوقتان، لا تفنيان أبدًا.

ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم؛ كفرًا ينقل عن الملة، ومن شكَّ في كُفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر، ومن وقف في القرآن فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، أو قال: القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي».

قال أبو حاتم: والقرآن كلام الله، وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه ليس بمخلوق بجهة من الجهات.

ونقول: إن الله على عرشه بائن من خلقه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

ثم ذكر عن أبي زرعة رحمه الله تعالى: أنه سُئل عن تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه/5] فغضب، وقال: تفسيرها كما تقرأ، هو على العرش استوى، وعلمه في كل مكان، من قال غير ذلك: فعليه لعنة الله.

وهذان الإمامان إماما أهل الرَّيِّ، وهما من نظراء الإمام أحمد والبخاري رحمهما الله تعالى.


اجتماع الجيوش الإسلامية (ص350 ط عطاءات العلم)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله