ومعلوم أنه لم يُعطَ الإنسانُ إماتةَ الخواطر ولا القوةَ على قطعها؛ فإنها تَهجُم عليه هجومَ النفس؛ إلَّا أن قوة الإيمان والعقل تُعِينُهُ على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له، وعلى دَفْع أقبحها وكراهته له ونفرته منه؛ كما قال الصحابة: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يَحترِقَ حتى يصير حُمَمةً أحبُّ إليه من أن يتكلم به؟ فقال: "أوقد وجدتموه؟ ". قالوا: نعم. قال: "ذاك صريح الإيمان". وفي لفظ: "الحمد لله الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسة".
وفيه قولان:
أحدهما: أن ردَّه وكراهته صريح الإيمان.
والثاني: أن وجوده وإلقاء الشيطان له في النفس صريح الإيمان؛ فإنه إنما ألقاهُ في النفس طلبًا لمعارضة الإيمان وإزالته به.
الفوائد (ص: 254)

