التعليق على "باب ‌تضعيف ‌الذكر ‌في ‌سبيل الله" من سنن أبي داود

2 -‌‌ باب ‌تضعيف ‌الذكر ‌في ‌سبيل الله

274/ 2388 - عن سهل بن معاذ عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصلاة والصيام والذكرَ يُضاعَف على النَّفَقة في سبيل الله بسبعمائة ضِعْف».

وفيه زبَّان بن فائد عن سهل بن معاذ؛ ضعيف عن ضعيف.

قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العباد أفضل درجةً عند الله يوم القيامة؟ قال: «الذاكرين الله كثيرًا»، قال: قلت: يا رسول الله، ومِن الغازين في سبيل الله؟ قال: «لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختَضِب دمًا، لكان الذاكرون الله أفضلَ منه درجة». ولكن هو من حديث درَّاج، وقد ضُعِّف، وقال الإمام أحمد: الشأن في دراج.

ولكن روى الترمذي والحاكم في «المستدرك» عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تلقَوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى، قال: «ذكر الله». وقد رواه مالك في «الموطأ» موقوفًا على أبي الدرداء قولَه. قال الترمذي: ورواه بعضهم فأرسله.

والتحقيق في ذلك أن المراتب ثلاثة:

ذكر وجهاد، وهي أعلى المراتب، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45].

المرتبة الثانية: ذكرٌ بلا جهاد، فهذه دون الأولى.

الثالثة: جهاد بلا ذكر، فهي دونهما، والذاكر أفضل من هذا.

وإنما وُضِع الجهاد لأجل ذكر الله، فالمقصود من الجهاد أن يُذكر الله ويُعبد وحدَه، فتوحيده وذكره وعبادته هو غاية الخلق التي خلقوا لها.

وتبويب أبي داود إنما هو على المرتبة الأولى، والحديث إنما يدل على أن الذكر أفضل من الإنفاق في سبيل الله، فهو كحديث أبي الدرداء. وقد يحتمل الحديث أن يكون معناه أن الذكر والصلاة في سبيل الله تضاعف على النفقة في سبيل الله، فيكون الظرف متعلقًا بالجميع. والله أعلم.


تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (2/ 211 - 213)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله