الإنابة عكوف القلب على الله عز وجل

الإنابة هي عكوف القلب على الله عز وجل كاعتكاف البدن في المسجد لا يفارقه، وحقيقة ذلك: عكوف القلب على محبته وذكره بالإجلال والتعظيم، وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له والمتابعة لرسوله، ومن لم يعكف قلبه على الله وحده عكف على التماثيل المتنوعة، كما قال إمام الخنفاء لقومه: (مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ) [الأنبياء: 52] فاقتسم هو وقومه حقيقة العكوف فكان حظ قومه العكوف على التماثيل، وكان حظه العكوف على الربّ الجليل.

والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثّلة، فتعلق القلب بغير الله واشتغاله به والركون إليه عكوف منه على التماثيل التي قامت بقلبه، وهو نظير العكوف على تماثيل الأصنام، ولهذا كان شرك عُبّاد الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإرادتهم على تماثيلهم، فإذا كان في القلب تماثيل قد ملكته واستعبدته بحيث يكون عاكفا عليها فهو نظيرعكوف الأصنام عليها، ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبدا لها ودعا عليه بالتَّعس والنَّكس، فقال: "تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش".


الفوائد (ص: 196)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله